
طوى ـ متابعات
كان وزير الطاقة السعودي الامير عبد العزيز بن سلمان صانع دعاية للاكتتاب في شركة أرامكو، وهي الشركة التي كان ينظر إليها على أنها الدجاجة التي تبيض ذهبًا، ولكنّ على ما يبدو أن ثمة سنينًا عجًافًا قد بدأت وأن الدجاجة قد أصيبت بالوهن، وأن المكملات الغذائية غير كافية لتعويض الخسائر الفادحة وانخفاض الانتاج..
في يونيو 2024 تحوّل عبد العزيز بن سلمان إلى مسوّق تجاري، وكان يحث المواطنين على شراء الأسهم في أرامكو وكان يقول حرفيًا: “من لا يساهم أو يشارك في شراء أسهم أرامكو سيعض أصابع الندم”. ولكن في مارس 2025 هبطت قيمة أسهم أرامكو إلى أدنى مستوياتها منذ 2020. وبحسب تقرير لوكالة (بلومبرغ) في 4 مارس 2025 أن أرامكو تخطط لتقليص أكبر توزيعات أرباح في العالم، مما يخفض مصدرًا رئيسيًا لتمويل ميزانية الدولة مع تخفيف الضغط على مواردها المالية الخاصة. وتتوقع أرامكو السعودية أن يبلغ إجمالي الدفعات حوالي 85 مليار دولار في عام 2025، مقارنة بـ 124 مليار دولار في العام الذي سبقه، 2024.
ومن المعروف، أن أرباح أرامكو تشكل مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية وتمويل مشاريع ومبادرات مختلفة. وكان أمام الشركة خياران: إما أن تستمر بتوزيع مبالغ مرتفعة، مما قد يضع ضغطًا إضافيًا على ميزانيتها العمومية، أو أن تقلّل التوزيعات، وهو ما يهدد بزيادة عجز الميزانية السعودية.
هذا القرار من شانه أيضاً التأثير على إصدارات الديون من قِبل الحكومة السعودية، حيث بلغت مبيعات السندات حتى الآن هذا العام نحو 15 مليار دولار، بما يجعلها من أكبر المقترضين في الأسواق الناشئة.
كان ابن سلمان يتطلع لأن تكون مبيعات النفط والتوزيعات السخية من أرامكو من بين عوامل رئيسية داعمة لتحقيق خطّة التحوّل الاقتصادي الطموحة التي تبنّاها محمد بن سلمان. ولكن تلك التوزيعات تجاوزت أرباح الشركة، ما أدّى إلى ضغوط متزايدة على ميزانيتها العمومية، وتحوّلت إلى مركز دين صافٍ، بعد أن كانت تملك أكثر من 27 مليار دولار كاحتياطيات نقدية صافية قبل عام واحد.
سامسارا وانغ، محللة الديون السيادية في ” Pinebridge Investments” تشير في تصريح لها في 4 مارس 2025 إلى أن “أرباح أرامكو تُعدُّ مصدراً رئيسياً للإيرادات الحكومية، فهي تموّل مشاريع ومبادرات مختلفة. ورغم أن توزيعات الأرباح الإضافية قد تساعد في تخفيف ضغوط التمويل، فإن الحكومة من المرجح أن تصدر سندات بقيمة تتراوح بين 5 و6 مليارات دولار هذا العام”، على حد قولها. (أنظر الرابط: (https://shorturl.at/I3FDY
تتكون أرباح أرامكو من دفعة أساسية فصلية بقيمة 20.3 مليار دولار ربع سنوية، والتي استهلكت حوالي 95% من التدفق النقدي الحر خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، إضافةً إلى توزيعات مرتبطة بالأداء بقيمة 10.8 مليار دولار لكل ثلاثة أشهر.
اعتباراً من العام الحالي 2025، تخطط الشركة لإطلاق مُكوّن خاص من توزيعات الأرباح، استنادًا إلى الأرباح الكبيرة التي تحققت نتيجة فورة أسعار النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا. وسيتم دفع هذا المُكوّن من التدفق النقدي الحر بعد تغطية الأرباح الأساسية وأي استثمارات. ومع توقعات المحللين بأن يكون النقد المتاح في 2025 أقل من الأرباح الأساسية، فإن ذلك يترك مجالًا ضيقًا لسداد مبالغ إضافية.
ومع أن أرامكو أعلنت منذ إدراجها في بورصة الرياض أن توزيعات الأرباح الأساسية ستبقى دون تغيير، بل من المقرر أن تزيد تدريجيًا بمرور الوقت، فإن الشركة قد تلجأ إلى مزيد من الاقتراض لتلبية هذه التوزيعات، أو تعديل سياسة توزيع الأرباح، بحسب محللين.
ومن الشائع استخدام شركات النفط الكبرى ميزانياتها العمومية لتعزيز الاقتراض خلال فترات انخفاض أسعار النفط لضمان استمرار الدفع للمساهمين. وكان زياد المرشد، الرئيس المالي لشركة أرامكو، قد صرّح بأن “ارتفاع الديون ليس بالضرورة أمرًا سيئًا بالنظر إلى انخفاض مستوى الرافعة المالية”. مشيراً بمقابلة أجريت معه في نوفمبر 2024 إلى أن الشركة تخطط لبيع المزيد من الديون بعد إصدارات بقيمة 9 مليارات دولار من السندات الدولارية والصكوك الإسلامية العام 2024.
مع ذلك، فإن التوقعات الضعيفة لأسعار النفط تعني أن على أرامكو توخي الحذر لتجنب وضع الكثير من الضغط على ميزانيتها العمومية. وأعلن مندوبو “أوبك+” في فبراير الماضي أن السعودية ودولاً أخرى في هذا التحالف قد تؤجّل مرة أخرى زيادة الإنتاج المقررة في أبريل من هذا العام (2025) بسبب مخاوف تتعلق بنمو الاقتصاد العالمي. وا
انخفض صافي دخل أرامكو على أساس سنوي لسبعة أرباع متتالية، وتبعه انخفاض آخر في الربع الرابع 2024. كما عانى سهم الشركة منذ بداية العام 2025، حيث انخفض بنحو 3%، متخلفاً عن أداء نظرائه من أسهم عمالقة النفط بما في ذلك “إكسون موبيل” و”شل”.
في التحليل، يترك انخفاض أسعار النفط تداعيات كبيرة على الاقتصاد السعودي، نظرًا لاعتماد البلاد الشديد على عائدات النفط التي تُشكّل نحو 60-70% من إيرادات الموازنة العامة.
السؤال هو كيف سينعكس انخفاض أسعار النفط على أداء الاقتصاد السعودي وعلى تمويل المشاريع المتعثرة؟ وهل لذلك تداعيات على الموازنة العامة والانفاق العام والمديونية؟
انخفاض أسعار النفط يمكن أن يكون له تأثير كبير نظرًا لاعتماد السعودية الكبير على عائدات النفط كأحد المصادر الرئيسية للتمويل. السعودية، التي تعد أكبر اقتصاد نفطي في المنطقة، قد تشهد مجموعة من التداعيات في حال حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار. فيما يلي بعض التأثيرات المحتملة على الاقتصاد السعودي، مع التركيز على: المشاريع المتعثرة، والموازنة العامة، والإنفاق العام.
وانعكاسات ذلك على مختلف الجوانب الاقتصادية:
1 ـ أداء الاقتصاد الكلي:
– تباطؤ النمو الاقتصادي: يؤدي انخفاض الإيرادات النفطية إلى تقليص الإنفاق الحكومي، الذي يُعد محركًا رئيسيًا للنمو في القطاعات غير النفطية (مثل التشييد والخدمات). هذا قد يخفّض معدّلات النمو أو يُسبب ركودًا مؤقتًا وتباطؤ في النمو الاقتصادي. إن رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تقليل الإعتماد على النفط، قد تواجه صعوبات تنفيذية وتمويلية قاسية، وإذا استمر انخفاض أسعار النفط، فإن “تمويل المشاريع التنموية” قد يتعرض لضغط بسبب نقص السيولة.
– تراجع الاحتياطيات المالية: قد تضطر الحكومة إلى سحب المزيد من أصول صندوق الاستثمارات العامة (PIF) أو الاحتياطيات الأجنبية (التي تبلغ نحو 433 مليار دولار بحسب احصاءات شهر فبراير 2025) لتعويض العجز، مما يُضعف المخزون الاستراتيجي.
ـ ضغط على القطاع الخاص: تقلص الإنفاق الحكومي يُقلل الطلب على خدمات القطاع الخاص، خاصة في المشاريع الكبرى، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة (خاصة بين الشباب).
2ـ تمويل المشاريع المتعثرة:
– تأجيل أو إلغاء المشاريع: قد تُعيد الحكومة ترتيب أولوياتها، فتؤجّل مشاريع غير استراتيجية أو تبحث عن تمويل بديل (مثل الشراكة مع القطاع الخاص أو الاستدانة).
السعودية استثمرت بشكل كبير في “مشاريع ضخمة” في إطار رؤية 2030، مثل “مشروع نيوم” و “مدينة البحر الأحمر”. في حال انخفاض أسعار النفط، قد تواجه الحكومة صعوبة في توفير “التمويل اللازم” لهذه المشاريع، مما قد يؤدي إلى “تعثر” بعض المشاريع الكبرى أو “تأخيرها”.
وقد تضطر الحكومة إلى اتخاذ “تدابير تقشفية”، مثل “تخفيض الميزانية” أو “إلغاء بعض المشاريع” غير الضرورية، للتركيز على “الاحتياجات الأساسية” مثل “الإنفاق العسكري” و”الدعم الاجتماعي”.
يمكن أن يؤثر انخفاض أسعار النفط على “القطاع غير النفطي”، بما في ذلك قطاعات مثل “السياحة” و”التجارة” و”القطاع المالي”. الشركات قد تصبح أكثر حذرًا في توظيف الأموال أو توسيع أعمالها، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي.
ولناحية الشركات التي تعتمد على “التمويل الحكومي”، فإنها قد تجد صعوبة في الحصول على الدعم المالي للمشاريع الكبيرة. إذا استمر انخفاض الإيرادات النفطية، قد يتعين على الحكومة إعادة التفكير في كيفية تقديم الدعم للقطاع الخاص أو تقديم “حوافز ضريبية” لتحفيز الاستثمار.
– زيادة الاعتماد على الدين: قد تلجأ إلى إصدار سندات محلية أو دولية لتمويل المشاريع الحيوية، خاصة تلك المرتبطة برؤية 2030 (مثل نيوم ومشاريع السياحة).
مع انخفاض الإيرادات النفطية، قد تتجه الحكومة السعودية إلى “زيادة الاقتراض الداخلي والخارجي” لتمويل العجز في الموازنة. وهذا قد يؤدي إلى “ارتفاع مستوى الدين العام”، وهو ما قد يشكل تحديًا في المستقبل في حال استمر انخفاض أسعار النفط لفترات طويلة.
وبحسب موقع (الشرق بلومبرغ) المتخصص في الشؤون الاقتصادية وبتاريخ 5 يناير 2025 أن السعودية اعتمدت خطة الاقتراض السنوية للعام المالي 2025، متوقعة أن تبلغ احتياجاتها التمويلية في السنة المالية نحو 139 مليار ريال سعودي (نحو 37 مليار دولار أميركي)، بارتفاع نسبته 61% عن خطة اقتراض عام 2024. وقدّرت السعودية عجز الميزانية للعام المقبل عند 101 مليار ريال، بموازاة تقدير ارتفاع رصيد الدين بنحو 100 مليار ريال، ليصل إلى 1.3 تريليون ريال (347 مليار دولار) بنهاية 2025. وعليه، ارتفع الدين العام من 1.6% من الناتج المحلي في 2014 إلى نحو 30% في الاعوام 2023 ـ 2025، وقد يستمر هذا الارتفاع إذا استمر العجز.
وكما نلحظ فإن مستوى العجز يرتفع بمرور الوقت، ومع انخفاض سعر النفط (مثلًا، كل 10 دولارات انخفاض في سعر البرميل يُقلص الإيرادات بنحو 20 ـ 25 مليار دولار سنويًا) سوف يزداد العجز إذا لم تُعدل النفقات. وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات “إصلاحية” أو “تعويضات” من مصادر دخل أخرى، فإن السعودية قد تضطر إلى “زيادة الاقتراض” أو اللجوء إلى “السحب من الاحتياطيات المالية” لتغطية العجز الناتج عن تراجع الإيرادات النفطية.
قد تطلب الحكومة من “المؤسسات المالية المحليّة” توفير “قروض طويلة الأجل”، وهو ما قد يرفع “المديونية العامة”، مما يزيد من “الأعباء المالية”على الدولة في المستقبل. وهناك تبعات لذلك، تبدأ بتكاليف خدمة الدين، ومع ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، تزداد تكلفة خدمة الدين، مما يُقلّص الحيّز المالي للإنفاق التنموي. ويأتي أيضًا تمويل الدين نفسه عبر السندات الذي قد يصبح خيارًا أساسيًا، مما يزيد من عبء “الفوائد” ويؤثّر على قدرة الحكومة على تمويل مشاريع أخرى دون تحميل خزينة الدولة المزيد من الأعباء.
– دور صندوق الاستثمارات العامة (PIF): قد يتحمل الصندوق عبء استثمارات إضافية عبر شراكات دولية أو تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر.
– ترشيد الإنفاق: قد تشمل الإجراءات خفض الدعم أو تأجيل الزيادات في الرواتب، أو تقليص الاستثمارات التنموية قصيرة الأجل. وقد تخضع القطاعات غير الحيوية الى خطة تقشف قاسية. قد يحدث “تخفيض في الإنفاق على بعض المجالات” مثل “الدعم الحكومي” أو “الاستثمارات الحكومية” في القطاعات التي لا تحقق عوائد فورية. وسوف يكون تخفيض الدعم المالي لبعض البرامج أو المشاريع الاجتماعية أمرًا محتملًا، مما يؤثر على “الفئات الأكثر هشاشة” في المجتمع.
– التحول نحو “الموازنة المرنة”: تُظهر السعودية مرونة في إعادة هيكلة الإنفاق، لكن قد تواجه ضغوطًا اجتماعية إذا طالت إجراءات التقشف.
التحول الاقتصادي والتنويع
مع انخفاض الإيرادات النفطية، قد تصبح السعودية أكثر إصرارًا على “تحقيق التنوع الاقتصادي” والاعتماد على “مصادر دخل غير نفطية”. لكن تنفيذ هذا التحول في ظل انخفاض الإيرادات النفطية قد يصبح أكثر تحديًا.
وسوف تكون المجالات المتاحة لتنويع مصادر الدخل غير نفطية وتشمل المشاريع غير النفطية مثل “التكنولوجيا” و”السياحة”، وهذه قد تتأثر بتقليص الإنفاق الحكومي.
سيكون من المهم أن تتبنى السعودية “استراتيجيات متوازنة” لتقليل تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد، مثل “زيادة التنوع الاقتصادي”، و”تحسين كفاءة الإنفاق العام”، وتعزيز “الشراكات الدولية”.
– الجدارة الائتمانية: يتمتع الاقتصاد الوطني للسعودية بتصنيف ائتماني مرتفع (A/A+)، لكن ارتفاع المديونية قد يزيد مخاطر التقييمات السلبية. فزيادة الديون تؤثر على التصنيف الائتماني مما يرفع “تكاليف الاقتراض” ويزيد من الضغط على “الاقتصاد الوطني”. هذا قد يُؤثر على قدرة السعودية على جذب الاستثمارات الأجنبية أو الحصول على تمويل بشروط ميسرة.
تدابير التكيّف
ويشمل ذلك:
ـ زيادة الضرائب على المواطنين والتي عادة ما تصنّف بكونها جزءًا من الإصلاحات الهيكلية، وتندرج في خانة إيرادات غير نفطية (مثل ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الطاقة المحلية بما يشمل الوقود والكهرباء).
ـ تعزيز الإنتاج النفطي: الاستفادة من القدرة التصديرية المرنة لتعويض انخفاض الأسعار عبر زيادة الكميات (إن أمكن). ولكن توافر القدرة في ظل ركود السوق النفطية، وانخفاض الطلب العالمي، وارتفاع تعدد المنتجين، والاتجاه العالمي نحو الطاقة الخضراء يجعل الإعتماد على عامل الزيادة الكمية محفوفًا بالخطر.
ـ جذب الاستثمارات الأجنبية: عبر مشاريع رؤية 2030 وتسهيلات الأعمال. ولا يبدو أن سقف توقعات مبس وفريقه في هذا الصدد مشجّعة، إذ لا يزال كثير من المستثمرين الأجانب مترددين في ضخ أموالهم في السوق السعودية. وبحسب إحصاءات 2024 فقد بلغ صافي تلك الاستثمارات 16 مليار ريال (4.26 مليار دولار) خلال الربع الثالث من 2024 منخفضاً بنسبة 24% مقارنة مع الربع المماثل من العام 2023، بحسب (الشرق بلومبرغ في 30 ديسبمر 2024). بينما تطمح السعودية إلى جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2030، كما أعلن عن ذلك وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في مؤتمر (مبادرة مستقبل الاستثمار) في الرياض في 30 أكتوبر 2024.
وعلى نحو إجمالي، يمكن تلخيص آثار انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد السعودي في عدة مجالات:
1 ـ تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الإيرادات الحكومية.
2 ـ تعثر “المشاريع التنموية الكبرى” وزيادة الضغوط على “الموازنة العامة”.
3 ـ زيادة المديونية العامة وزيادة الأعباء المالية على الدولة.
4ـ الاضطرار إلى اتخاذ “تدابير تقشفية” لتخفيف الضغط على الميزانية، مما يؤثر على “الإنفاق العام”.
5ـ رغم ذلك، يمكن تحويل التحدي الى فرصة، وعليه الدفع باتجاه “التحول الاقتصادي” و “تنويع الاقتصاد” بعيدا عن النفط.
نيوم الخاسرة..
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في تقرير داخلي مشاكل في مشروع “نيوم”شمال غربي الجزيرة العربية. وقالت الصحيفة في عددها الصادر في 9 مارس 2025، أن “وهمًا متبادلًا” تسبب في تلك المشاكل، دفع ولي العهد السعودي نحو “خطط خيالية” فيما “لم يكشف المديرون التنفيذيون له الحجم الكامل للتحديات والتكاليف”.
ونقلت الصحيفة تفاصيل التقرير الذي يزيد عن 100 صفحة وهو عبارة عن مراجعة داخلية قدمت إلى أعضاء مجلس إدارة “نيوم”، في الربيع الماضي بالإضافة إلى تصريحات من “موظفين سابقين” بالمشروع.
وخلص التقرير إلى أن “مديرين تنفيذيين بمساعدة مستشاري المشروع منذ فترة طويلة (الشركة الاستشارية) للمشروع “ماكينزي آند كو”، أدخلوا افتراضات غير واقعية في خطة عمل نيوم، لتبرير التكلفة الباهظة”.
ووجدت المراجعة “أدلة على التلاعب المتعمد” بأمور مالية “بواسطة بعض أعضاء بالإدارة”، وفق الصحيفة. وفي إشارة إلى الطموحات الهائلة للمشروع، حدّد عرض مسودة مجلس الإدارة في الصيف الماضي الإنفاق الرأسمالي المطلوب لبناء “نيوم” حتى “حالته النهائية” بحلول عام 2080 عند 8.8 تريليون دولار، أكثر من 25 ضعف الميزانية السعودية السنوية، و370 مليار دولار للمرحلة الأولى بحلول عام 2035.
وتموّل السعودية النصيب الأكبر من تكاليف نيوم الأولية على الرغم من أن المسؤولين “يأملون في أن يتقاسم المستثمرون من القطاع الخاص العبء في نهاية المطاف”. وقالت المتحدثة باسم مشروع “نيوم” إن الصحيفة “تفسّر الأرقام بشكل غير صحيح وتحرفها” ورفضت تقديم تفاصيل إضافية. وأضافت أن “نيوم” تدافع عن التميّز والاحتراف والتنوع والسلوك الأخلاقي ولديها سياسات تتطلب من الموظفين الحفاظ على هذه القيم. وذكرت أن “أولويات المشروع سليمة ويظل المشروع على المسار الصحيح، مما يدل على تقدّم ملموس”، مضيفة أن تعديلات الجدول الزمني والتكلفة ممارسة شائعة للمشاريع الكبيرة.
ولم ترد الحكومة السعودية على أسئلة الصحيفة حول “نيوم” أو مشاركة ولي العهد في المشروع. وقال متحدث باسم شركة “ماكينزي آند كو” إن الشركة تضمن “الامتثال للقواعد التي تحكم التجارة الدولية”. وأشار إلى أن أي ادعاء بأنها “شاركت في التلاعب بالتقارير المالية كاذب”.