ما بعد سلمان: مستقبل العرش السعودي
يمكن الجزم بأن مجمل القرارات الكبرى التي أصدرها الملك سلمان منذ توليه العرش في 23 يناير 2015 كانت بهدف تبديد الغموض حيال مستقبل العرش، والتمهيد من أجل وصول سلس للسلطة لإبنه، وإقناع الداخل والخارج (وخصوصًا الولايات المتحدة والغرب عمومًا) بأن محمد بن سلمان وريث طبيعي وشرعي بلا منازع.
عمل الملوك السعوديون السابقون على وضع أسس وراثة مستقرة في أبنائهم، ومنذ وفاة الملك خالد سنة 1982 لا يكاد يخلو عهد من ترتيبات يكون فيها إبن الملك المرشح المفضّل أو في الحد الأدنى أحد المرشّحين الأساسيين في خط الوراثة. وكان التنافس محتدمًا بين الأجنحة على وراثة العرش، وكان الملك فهد (1982 ـ 2005) واضحًا في ترشيح إبنه الأصغر عبد العزيز لوراثته، وقد نقل رغبته إلى الأميركيين ولكنهم فضّلوا الحفاظ على توازن القوى داخل العائلة المالكة، وتفادي أي انقسام عمودي.
ويسجّل للفراغ في حلبة صراع الأجنحة توفيره فرصة نادرة للملك سلمان الذي لم يكن يمتلك أي قوة عسكرية بأن يصوغ مستقبل العرش من دون منافسين كبار من الجيل الأول بعد أن رحلوا دون استكمال ما عقدوا العزم عليه بتثبيت أبنائهم في خط الوراثة. وكان الملك عبد الله (2005 ـ 2015) قد أجرى تغييرات تمهيدية، وأهمها تحويل رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة في 27 مايو 2013، وتعيين نجله متعب وزيراً لها لتسهيل دخوله إلى حلبة المنافسة على العرش. تغيير آخر لا يقل أهمية هو استحداث منصب ولي ولي العهد بموجب أمر ملكي صدر في 27 مارس 2014 وتعيين أخيه غير الشقيق الأمير مقرن في المنصب. وتضمّن نص الأمر الملكي عبارة ذات دلالة ولها علاقة بمرحلة يكون سلمان فيها ملكًا بما نصّه:” “لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديل القرار، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل”. وفي تجاوز واضح لسلطة هيئة البيعة، نص القرار الملكي على تولي الأمير مقرن بن عبد العزيز منصب ولاية العهد في حال خلو الموقع وأن يبايع ملكًا في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد.
لاشك أن فحوى القرار يشي بخلاف عميق بين الملك عبد الله وولي العهد سلمان على مستقبل العرش، وأن الترتيبات التي قام بها الملك عبد الله هي لضمان عدم استفراد جناح سلمان بالسلطة بصورة مطلقة. على أية حال، فإن التدابير الاحتياطية …… للاستمرار اضغط على ملف الــpdf