التقارير الاستراتيجية

العلاقات السعودية – البريطانية بعد “بريكست”

إشكالية البحث
شكل انسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي لحظة مفصلية بالنسبة لها، إذ فرضت المتغ ي رات
ال د ولية حسابات جديدة على الساحة السياسي ة، فيما كانت الأزمة المالية والاقتصادية في
بريطانيا تزداد ح دة متأث رة بعوامل داخلية وخارجية.
لتجاوز مرحلة الاتحاد الأوروبي إلى ما بعده، شرعت لندن في دراسة خياراتها، وأمام تح د ي
الزمن، لجأت إلى إعادة تدوير الزوايا السياسية، فكان الخليج وجهة أولى لها، فيما م ثلت
السعودية مركب نجاة محتمل للعديد من المشاكل الاقتصادية.
في المقابل، لحظت السعودية هذه المرحلة المفصلية في تاريخ العلاقات مع بريطانيا، وهي
المحتاجة إلى ف ك عزلتها الدولية، رأت فيها مصلحة ممكن أن تحقق لولي العهد السعودي
بعضًا من أهداف رؤيته الاقتصادية.
في الخريف المقبل، يجري محمد بن سلمان زيارته الأولى إلى لندن عقب جريمة القنصلية، وفي
يديه ملفات ع دة للتفاوض. فكيف سيترجم التعاون بين البلدين في مرحلة ما بعد بريكست؟
وكيف سيؤثر خروج بر يطانيا من الاتحاد الأوروبي على شكل التعا ون السياسي والأمني
والعسكري والاقتصادي والتجاري مع السعودية؟ وما هي التحديات والعقبات التي تواجه
تطوير العلاقات بين البلدين؟
انطلاقًا من هذه التساؤلات، يمكن صياغة إشكالية الورقة البحثية الحالية فيما يلي: ما هو
شكل العلاقة بين السعودية وبريطانية بعد بريكست؟
وإن كانت الدراسات قد تناولت العلاقات الخليجية – البريطانية بعد بريكست، إلا أن أهمية
الدراسة الحالية أنها تسعى لمقاربة شكل العلاقات البريطانية – السعودية ومستقبلها.
3
أولا:ً العلاقات البريطانية – السعودية قبل بريكست
يعود تأسيس العلاقات السعودية البريطانية إلى مطلع القرن العشرين، حيث يؤرخ موقع
أرشيف وزارة الخارجية البريطانية، إلى رسائل منذ العام 1902 بين الطرفين. شكّلت الجزيرة
العربية آنذاك أهمية جيو سياسية للمصالح البريطانية، ما مهّ د لتحالفات سرعان ما تبلورت بين
الطرفين، مدفوعة بحسابات بريطانيا السياسية، ومخاوف العائلة المالكة السعودية الأمنية.
نشأت بدايات العلاقات مع بريطانيا من حاجة السعودية إلى التدخلات الدبلوماسية والبحرية
والعسكرية لتقديم الحماية، ومع ذلك، كان دور بريطانيا أ كثر أهمية بكثير، إذ أشرفت على تحديد
الحدود الجغرافية الحالية لتلك الدول.
، في كتابه “شبه الجزيرة الأنجلو-عربية: لماذا تهتم بريطانيا بالثروة الخليجية” الصادر عام 2016
يرسم ديفيد ويرينج خريطة تستعرض هذه الشبكات على مدى قرنين، مقسّمًا هذه الحقبة
الزمنية إلى ثلاث مراحل رئيسة:

  • المرحلة الأولى: من القرن الثامن عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي تمثلت
    بالسطوة الإمبريالية البريطانية المباشرة على الخليج.
  • المرحلة الثانية: من بداية الحرب الباردة وحتى عام 1971 ، وهي المرحلة التي شهدت ضمورًا
    إمبراطوريًا تزامن وتفاعل مع انحدار بريطانيا الاقتصادي وبروز الولايات المتحدة وظهور الحركات
    القومية في المنطق ة.
  • المرحلة الثالثة: وهي الممتدة حتى اليوم تحت عنوان تكيّف المملكة المتحدة مع انكماش
    قوتها السابقة عبر ضمان مصالحها الصناعية والمالية مستفيدة من الثروة الهائلة في الخليج بعد
    الطفرات النفطية .
    مثّلت الثروات دعائم العلاقة المستمرة حتى اليوم، إذ شكّلت مسألة السيطرة على موارد الطاقة
    في السعودية قيمة جيوسياسية أساسية لبريطانيا. يرى ويرينج أن الريوع النفطية على هيئة
    4
    البترودولار تلعب دورًا رئيسًا ضمن شبكة العلاقات المادية، حيث تتم إعادة تدويرها في بورصة
    لندن أشكال تتنوع من علاقات تجارية واستثمارات، وبشكل أساسي عبر صفقات الأسلحة التي
    تمثّل شريان حياة لرفد الصناعات العسكرية البريطانية بشكل يساهم في الحفاظ على مكانة
    . المملكة المتحدة كإحدى القوى العسكرية الدولي ة 1
    من هنا، فإن الحديث عن شكل العلاقات السعودية البريطانية ما بعد انفصال الأخيرة عن الاتحاد
    الأوروبي، لا يمكن فصله عن المسار التاريخي لنشأة هذه العلاقات.
    اليوم، عند الحديث عن مجالات التعاون البريطاني السعودي، يمكن الحديث عن اتجاهات أربع ة،
    : بحسب الرؤية السعودية الرسمية 2
    -1 التجارة والاستثمار: ويشمل ذلك التبادل التجاري في النفط والغاز والمنتجات
    البتروكيماوية والأسلحة والسلع الاستهلاكية والخدمات المالية، والاستثمار البريطاني في
    البنية التحتية والطاقة والتعليم والترفيه.
    -2 الأمن والدفاع: تعتبر ال سعودية مشتر رئيسيٍ للأسلحة البريطانية. ويتضمن التعاون في
    هذا الصدد تدريب القوات وتبادل المعلومات والتعاون في “مكافحة الإرهاب”.
    -3 القوة الناعمة والعلاقات الثقافية والتعليمية: يدرس العديد من الطلاب السعوديين في
    المملكة المتحدة، وتتبادل الجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية بين البلدين
    الزيارات والبرامج التبادلية.
    -4 الديبلوماسية والتعاون السياسي: يجري البلدان مشاورات دورية في القضايا الإقليمية
    والدولية المشتركة، وتتعاون في الشؤون الإقليمية والتحديات الأمنية والتنمية الاقتصادية.
    1 السادة، موسى ) 01 تشرين الثاني 2021 (، شبه الجزيرة الأنجلو-عربية: بريطانيا في الخليج، موقع حبر.
    2 عام / المملكة وبريطانيا .. علاقات متنامية ومصالح مشتركة ) 16 مارس 2022 (، وكالة واس.
    5
    ثانيً ا: بريطانيا تنفصل عن الاتحاد الأوروب ي
    في 31 كانون الثاني/ يناير 2020 ، انسحبت المملكة المتحدة البريطانية من الاتحاد الأوروب ي، بعد
    استفتاء جاءت نتيجته لصالح بريكست في 2016 . وبريكست هو اختصار للكلمتين الإنجليزيتين
    واللتين تعنيان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي . )British Exit(
    لم تكن سهلة المرحلة الانتقالية الجديدة على بريطانيا. فمن جهة، كان استحقاق أعادة اللحمة
    الوطنية تحديًا أمامها، بعد الشرخ الكبير الذي أحدثه الصراع بين المعسكرين المؤيّد والمعارض
    للانفصال. كما مثّلت العلاقات الخارجية للدولة تحدّيًا آخر تتداخل فيه الحسابات الاقتصادية
    والسياسية وغيرهما.
    قبل بريكس ت بعد بريكس ت
    عضوية الاتحاد الأوروبي: كانت المملكة
    المتحدة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني
    أن العلاقات السعودية البريطانية كانت تتأثر
    بالتعاملات والقوانين الأوروبية المشتركة .
    التنويع في العلاقات الدولية: بعد بريكست،
    يمكن للمملكة المتحدة تعزيز توجهها نحو
    توسيع شبكة علاقاتها الدولية، وهذا يشمل
    تعزيز الروابط مع السعودية والشرق الأوسط
    ومناطق أخرى .
    التجارة والاستثمار: استفادت السعودية
    والمملكة المتحدة من اتفاقيات التجارة
    والاستثمار التي وجدت بين الاتحاد الأوروبي
    والسعودية، وكان هناك تعاون وتبادل تجاري
    قائم .
    الاستقلالية الاقتصادية: بعد بريكست، يمكن
    للمملكة المتحدة تحديد سياساتها
    الاقتصادية والتجارية بشكل مستقل، وهذا
    يعزز إمكانية تطوير العلاقات الاقتصادية مع
    السعودية واتخاذ قرارات تجارية مستقلة .
    أما عن تأثر بريكست على علاقة بريطانيا مع الشرق الأوسط، فيقلل الباحث نوار هاشم من
    آثارها، ويرى في دراسة نشرها مركز دراسات الوحدة العربية أن العلاقات الدفاعية والأمنية بين
    المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، هي علاقات ثنائية تمتد على أسس عسكرية
    6
    وعمليات مرتبطة بها. هذا يعني بحسب الباحث أن قضايا الدفاع والأمن بين بريطانيا والشرق
    الأوسط أعمق وأ كثر اتساعاً منها مع أي مجموعة من الدول خارج الناتو، وأهمها مع بلدان
    مجلس التعاون الخليجي الستة 3. وعن هذه الروابط، يقول الباحث في القضايا الجيوسياسي ة
    والإنسانية بمنطقة الخليج، جوناثان فينتون هارف ي، إن بريطانيا لا تزال ترغب في الاستفادة من
    الموارد الطبيعية الوفيرة في الخليج، والحفاظ على الروابط مع دوله كشكل من أشكال استعراض
    القوة العسكرية والدبلوماسية 4. ويرى في دراسة لمنتدى الخليج الدولي أنه ف ي حين أصبحت هذه
    الروابط أ كثر أهمية بالنسبة للندن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن انسحاب واشنطن
    الملحوظ من المنطقة أعطاها أيضًا فرصة لتعزيز نفوذها في الخليج.
    وبالتالي فإن المصالح تتحكم بالحسابات البريطانية لناحية العلاقة مع السعودية. في الجانب
    الأمني، يرى الأستاذ والباحث الجامعي في العلوم المالية والاقتصادية، الدكتور حسن عبيد، أن
    بريطانيا تريد منح حلفائها الخليجيين أ كبر قدر ممكن من الضمانات، لتكفل بدورها حماية
    نفوذها ورعاية مصالحها التجارية في مياه المنطقة، التي تؤمن لها ثلث احتياجاتها من الغاز. أما
    دبلوماسياً فمن المهم بالنسبة للندن في هذه المرحلة أن تكون حاضرة كلاعب أساسي في هذه
    المساحة المضطربة من العالم، وهو ما تمثل بتعزيز وجودها مؤخراً بإنشاء قواعد عسكرية،
    آخرها في البحرين عام 2018 ، وسلطنة عمان عام 52019 . من هنا، يمكن معرفة أسباب سعي
    بريطانيا لتعزيز علاقاتها مع السعودي ة بعد بريكس ت، والتي تتمثل بما يلي: حماية مصالحها في
    منطقة، توفير ضمانات أمنية، وتحقيق النفوذ عبر الدبلوماسية.
    2020 (، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: دراسة في الأسباب والتداعيات، مركز دراسات الوحدة العربية. ، 3 هاشم، نوار )ديسمبر 29
    4 Fenton-Harvey, Jonathan (Aug 25, 2022) Post Brexit UK-GCC Relations: Strengthening Military and Trade Ties,
    Gulf International Forum.
    5 Obeid, Hassan (January 30, 2020), The impact of Brexit on relations between the UK and Gulf countries, The
    Conversation.
    7
    ثالثًا: التحولات في العلاق ة بعد بريكس ت
    عقب الانسحاب من بريكست، استعادت بريطانيا وضعها كشريك تجاري “مستقل”. عملت
    لندن على تعويض خسائر الخروج من الاتحاد الأوروبي من خلال إبرام صفقات ثنائية من حوالي
    50 دولة وإقليم. كان البارز ضمن هذه الاتفاقيات، الاستثناءات التي مُنحت لدول مجلس التعاون
    الخليجي 6. بلغت حجم التجارة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي في عام 2016
    حوالي 44.5 مليار دولار أمريكي، مقارنة ب 19.1 مليار دولار أمريكي في عام 2010 . قامت بريطانيا
    بحملة دبلوماسية تؤكد أهمية مجلس التعاون الخليجي في التجارة الخارجية للمملكة المتحدة.
    وقد تواصلت لندن بالفعل مع دول مجلس التعاون الخليجي للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة، ولكن
    لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن. ومع ذلك، لا توجد علامات تشير إلى أن العلاقات التجارية
    يجب أن تتأثر، وخطط الاستثمار مثل رؤية السعودية 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية
    . الكويت 2035 يمكن أن توفر منصة ممتازة للخبرات البريطانية 7
    -1 التجارة والاستثمار
    عند الحديث عن التجارة بين بريطانيا ودول الخليج، تبرز الأرقام الضخمة في هذا المجال. عام
    2005 ، بلغ حجم التجارة نحو 13.2 مليار دولار. عام 2010 ، شهد هذا الرقم تضخّمًا ليصل إل ى
    19.1 مليار دولار. وفي عام 2016 ، واصلت الأرقام تصاعدها لتصل إلى نحو 44.5 مليار دولار. عام
    2022 ، بلغ إجمالي التجارة مستوى قياسيًا جديدًا تجاوز 77 مليار دولار 8. بالمجمل، يمكن القول
    إن الأرقام عكست اهتمام لندن بتعويض خروجها من بريكست من خلال توطيد علاقاتها
    التجارية. قبل الانفصال، كانت تبلغ تجارته ا مع دول الخليج الست، ثاني أ كبر شريك تجاري لها
    خارج أوروبا، نحو 37.5 مليار دولار سنويًا. أما بعد الانفصال، فإن حجم التبادل بات يصل إلى 40
    مليار دولار سنوي ا 9. أما فيما يخص الاستثمارات، فقد تجاوزت الاستثمارات البريطانية في الخليج
    6 المصدر السابق.
    7 Obeid, Hassan (January 30, 2020), The impact of Brexit on relations between the UK and Gulf countries, The
    Conversation.
    . 8 تصريح لوزيرة الأعمال والتجارة البريطانية كيمي بادينوك في مقابلة مع قناة سكاي نيوز بتاريخ 25 أيار/مايو 2023
    . 9 مقابلة مع وزير الاستثمار البريطاني، دومينيك جونسون، مع قناة سكاي نيوز عربية، بتاريخ 3 شباط/فبراير 2023
    8
    ال 135 مليار جنيه إسترليني بعد بريكس ت 10 ، فيما كانت قد سجلت عام 2013 ، حوالي 120 مليار
    . جنيه إسترليني 11
    في المقابل، ضخت الدول الخليجية ما يقرب من 200 مليار دولار استثمارات في المملكة
    وهي مؤسسة صحفية بريطانية متخصصة في ،UK Declassified المتحدة، بحسب مؤسسة
    الصحافة الاستقصائي ة 12 . فإن كان الجانب الاقتصادي يمثّل عمادًا لقدرة بريطانيا على تجاوز
    بريكست، فإنه أيضًا لا يقلّ أهميّة بالنسبة لدول الخليج الساعية للتحرر من عصير هيمنة النفط
    إلى مشاريع تمويل الاقتصاد. وهي فرصة وجدت الأخيرة في لندن شريكًا يملك الخبرة والتقنية
    لخدمة هذا التحوّل، خاصة وأن لبريطانيا باعً ا في مجالات الخصخصة التي خاضتها في ثمانينيات
    القرن الماضي، ما جعلها ضمن أ كبر اقتصاديات العالم.
    هذا المسار التصاعدي، انعكس على العلاقات الثنائية بين السعودية والمملكة المتحدة. تعد
    السعودية شريكاً تجاري ا رئيسً ا للندن في الشرق الأوسط، فهناك حوال ي 200 مشروع مشترك بين
    الطرفين بقيمة 17.5 مليار دولار، كما توجد مشاريع عملاقة طويلة الأجل في قطاعات الطاقة
    والمياه والاتصالات والنقل والبنية التحتية بقيمة تتجاوز 400 مليار دولار. وبحسب البيانات
    المتاحة، يتراوح حجم التبادل التجاري بين البلدين خمسة وسبعة مليارات دولار سنوياً، وبلغت
    قيمته خلال الأعوام ال 15 الماضية نحو 76 مليار دولار، بواقع 22 مليار دولار صادرات من
    . المملكة إلى بريطانيا و 54 مليار دولار واردات منه ا 13
    بعد الاستفتاء، دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التعاون بعد تأسيس مجلس
    الشرا كة الاستراتيجية السعودي البريطاني، الذي عقد اجتماعه الأول في العاصمة البريطانية لندن
    10 مقابلة وزيرة الأعمال والتجارة البريطانية كيمي بادينوك.
    120 مليار جنيه إسترليني استثمارات خليجية في بريطانيا، 8 يونيو 2014 ، العربية نت. 11
    12 Hall, Molly Antigone and Curtis, Mark (April 9, 2021) “While Media Focuses on Russian Money UK Ministers
    Allow Gulf Tyrannies to Invest £140bn In Britain,” Declassified UK.
    13 ماذا تستفيد دول الخليج من توقيع اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا؟ ) 22 نوفمبر 2021 (، اندبندت عربية.
    9
    في مارس 142018 . وفي يوليو 2021 ، تحت رعاية مجلس الشرا كة الاستراتيجية
    . البريطانية-السعودية، عقد الاجتماع الثاني للجنة الاقتصادية والاجتماعية في مجلس الشرا ك ة 15
    بعد 3 سنوات من بريكست، لا تزال معالم العلاقات البريطانية السعودية غير واضحة، في ظل
    عراقيل عدة. لكنّ لندن تأمل تجاوز هذه العراقيل كونها تتطلع إلى الفوز بإدراج الاكتتاب العام
    لعملاق النفط أرامكو. لكنّ حالة الشكّ تبقى سائدة، مع الحديث عن أن السعودية تتطلع إلى
    إدراج درة تاجها في طوكيو بدلا عن لندن. ورغم هذا، فقد افتتح صندوق الثروة السيادي السعودي
    مكتبًا في لندن عام 2022 ، إذ تسعى بورصة لندن وعدد من أسواق الأسهم العالمية الأخرى للفوز
    . بقطعة من كعكة الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية المتوقع أن يكون الأكبر في العال م 16
    وبحسب ما أشار إليه الباحث ديفيد ويرنغ على وجه الخصو ص 17 ، أنه باعتبار أن الصين ستصبح
    أ كبر مستورد للنفط والغاز بحلول عام 2020 ، وأن الهند ستكون ثاني أ كبر مستورد بحلول عا م
    2035 ، قد يكون هناك إعادة تقويم عامة بعيدًا عن أوروبا، والاتجاه نحو الدول التي يوجد فيها
    طلب أ كبر ومتزايد على الطاقة. يرس م ويرنغ في مقال له بصحيفة ميدل إيست آ ي 18 ، مستقبل
    قاتمًا لهذه العلاقة. فيقول إن وزراء مؤيدون لبريكسيت وضعوا تركيزًا كبيرًا على العواصم
    الخليجية كجزء من توجههم المأمول لإعادة توجيه العلاقات الاقتصادية الخارجية لبريطانيا بعيدًا
    عن الاتحاد الأوروبي. ولكن هذا الرهان ليس واعدًا. فانخفاض فترة الازدهار الطويلة في أسعار
    النفط التي بدأت في تحويلة الألفية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وانهيار الطلب على الوقود
    الأحفور ي، يمكن أن يعرقل تدفق الدولارات المشتقة من النفط تمامًا، حيث يتم القضاء على
    الأساس الكامل للعلاقات بين المملكة المتحدة ودول الخليج.
    14 عام / المملكة وبريطانيا .. علاقات متنامية ومصالح مشتركة ) 16 مارس 2022 (، وكالة واس.
    15 وزارة الخارجية البريطانية ) 15 يوليو 2021 ( الشرا كة الاستراتيجية البريطانية-السعودية: بيان مشترك )اللجنة الاقتصادية
    والاجتماعية(، موقع الحكومة البريطانية.
    16 بول، كاتي ) 5أبريل 2017 ( رئيسة وزراء بريطانيا ورئيس بورصة لندن يخطبان ود صندوق سيادي سعودي، رويترز.
    17 فرير، كورتني ) 2 كانون الأول/ديسمبر 2019 ( البريكست ومجلس التعاون الخليجي: ما التالي؟، منتدى الخليج الدولي.
    18 Wearing, David (16 July 2019) Arms, assets and war: Why Britain is betting on the Gulf after Brexit, Middle East
    Eye.
    10
    -2 منطق ة تجارة حرة
    فقدت بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي عددًا من المزايا الاقتصادية، وهو ما تعوّل على
    تعويضه من خلال عقد شرا كات تجارية عابرة للحدود. ولهذا فهي تسعى لشرا كات تجارية
    مستقلّة تواجه بها خسائر بريكست، وتساهم في تغطية 80 % من تجارتها الخارجية. ولأن دول
    الخليج تعدّ سابع أ كبر سوق للصادرات البريطانية، فإن لندن تطلع إليه كسوق رئيس يساهم في
    تحقيق هذا الطموح.
    منذ الإعلان عنها، لاتزال تواجه اتفاقية التجارة الحرة عددًا من العراقيل. في تشرين الثاني/نوفمبر
    2020 ، أعلنت وزارة الاستثمار البريطانية عن مفاوضات مع دول مجلس التعاون الخليجي لعقد
    اتفاقية للتجارة الحرة. وفي تشرين الأول/ أ كتوبر 2021 ، أعلنت وزارة التجارة البريطانية إطلاق
    الاستشارات العامة لمفاوضات التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي. وفي حزيران/يونيو
    2022 ، أعلن مجلس التعاون الخليجي رسمياً إطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة.
    خلق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصة لتعزيز مكانة المملكة المتحدة العالمية، بما
    يتماشى مع شعار “بريطانيا العالمية”، حيث ستعمل على تعزيز نفوذها التجاري والدبلوماسي
    في جميع أنحاء العالم. علاوة على ذلك، بما أن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي لم
    يتوصلا بعد إلى اتفاقية تجارة حرة بعد خمسة عشر عامًا من المفاوضات، فقد تكتسب بريطانيا
    ميزة تنافسية إذا تمكنت من تأمين هذه الاتفاقية 19 . وإذا ما نجحت المفاوضات في تجاوز
    : العقبات ، فإن تحليل قسم التجارة الدولية التابع للحكومة البريطانية، يعول على الاتفاقية ف ي 20
    % • حجم التبادل التجاري مع الخليج بنسبة 16
  • إضافة 1.6 مليار جنيه إسترليني إلى الاقتصاد البريطاني سنويً ا
  • دعم أجور العاملين في بريطانيا بحوالي 600 مليون جنيه إسترليني سنويًا
    19 Fenton-Harvey, Jonathan (Aug 25, 2022) Post Brexit UK-GCC Relations: Strengthening Military and Trade Ties,
    Gulf International Forum.
    20 UK Parliament, (26 April 2023) UK-Gulf Cooperation Council Free Trade Agreement – The UK’s Strategic
    Approach, Department of International Trade.
    11
    الباحث في الشؤون الأوروبية بهاء محمود يقول في دراسة له، إن المزايا التي سوف تعود على
    دول الخليج من عقد اتفاقية التجارة الحرة مع بريطانيا تفوق الاكتفاء بوجود شرا كات ثنائية فق ط،
    حتى مع اختلاف السياسات والمصالح الاقتصادية لكل دولة على حدة 21 . لكن هذا لا يمنع من
    مكاسب يمكن تحقيقها في حال أُبرمت الاتفاقية على شكل ثنائي، بدلا منها ككتلة مجتمع ة .
    فالعقبات التي تواجه إبرام الاتفاقية مع دول الخليج مجتمعة، حاولت المملكة المتحدة الالتفاف
    عليها من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية مع دول مجلس التعاون منفردةً، وحرصت بريطانيا على
    إيلاء المحادثات مع السعودية أهمية قصوى بعد قراءتها للتحولات الاقتصادية في السعودية
    وإمكانية تحقيق اختراق مهم في هذا المجال.
    وعليه، تكتسب اتفاقية التجارة الحرة مع السعودية أهميتها بالنسبة لبريطانيا، كونها تؤمّن لها
    خيارات جديدة وأسواق دولية تعوّض السوق الأوروبي بعد خروجها من الاتحاد. ولأن السعودي ة
    بوابة مهمة لمنطقة المحيطين الهندي والهادي )الإندوباسيفيك(، فإن بريطانيا تعوّل على
    مكاسب سياسية واقتصادية من الاتفاقية، إذ تسعى لتعزيز مكانتها الاقتصادية من جهة،
    وتعويض تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة من جهة ثانية. ولهذا، فإن الاستفادة من علاقاته ا
    التاريخية مع السعودية، لن تعزز مكانتها في الشرق الأوسط فحسب، بل ستساعدها أيضًا على
    توسيع طرقها التجارية الجديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وخارجها مما يمكّن من
    ؟ عولمة طرقها التجارية. فماذا تعني الاتفاقي ة 22
  1. خفض الرسوم الجمركية: ترغب بريطانيا في تقليل -أو إلغاء- الرسوم الجمركية على
    سلعها وبخاصة الأغذية، بهدف زيادة حجم الصادرات وخفض تكلفتها.
  2. دعم الاستثمار المتبادل: تمهد الاتفاقية للاستثمار في العديد من الصناعات البريطانية،
    كما تمنح المستثمرين البريطانيين وصولا أ كبر إلى السوق السعودي والخليجي.
    21 محمود، بهاء ) 18 يوليو 2022 ( آفاق مفاوضات التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، مركز الإمارات
    للسياسات.
    22 محمود، بهاء ) 18 يوليو 2022 ( آفاق مفاوضات التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، مركز الإمارات
    للسياسات.
    12
  3. دعم الابتكار والتجارة الرقمية: تعزز الاتفاقية فرص إنشاء مشاريع تجارية مبتكرة في
    مجالات التكنولوجيا الناشئة، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني.
  4. المساهمة في التنويع الاقتصادي: تساهم الاتفاقية في دفع النمو الاقتصادي والتجاري في
    السعودية، وتحفّ ز القطاع الخاص للعمل في القطاعات غير النفطية .
  5. دعم الطاقة المتجددة: ترغب بريطانيا في أن تشمل الاتفاقية خفض الرسوم الجمركية
    على أو إلغائها على السلع المتعلقة بالطاقة المتجددة، مقابل المساهمة في دعم خطط
    السعودية والخليج عمومًا لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، واستخدام مصادر
    الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.
  6. تأشيرات السفر : حرية وصول المواطنين إلى الدول من دون تأشيرات من شأنه أن يزيل
    حاجزاً غير جمركي أمام التجارة الثنائية بين الدول.
    وبالنسبة للسعودية، يتوقع تقرير بنك ستاندرد تشارترد الخاص بمستقبل التجارة في 2030 ، أن
    تساهم الاتفاقية في رفع صادرات سلع المملكة لتصل إلى 354 مليار دولار عام 2030 ، وهو ما
    تعوّل عليه لندن لتعويض تراجع صادراتها. ففي عام 2021 ، أي بعد عام على الانفصال، سجلت
    الصادرات تراجعًا بقيمة 20 مليار جينه إسترليني مقارنة بالعام الذي سبق تفعيل اتفاقية
    . بريكس ت 23
    -3 التعاون العسكري
    تعد صفقات السلاح أبرز الملفات التي أطّرت العلاقات السعودية البريطانية منذ نشأتها. وهو
    ملف حاضر دائم ومتصدر لسلّم مباحثات الطرفين عند أغلب الاجتماعات واللقاءا ت، حتى بات
    ضمن الاقتصاد الأ وسع للعلاقات بين لندن والرياض. وهو ما جعله استحقاقًا يحتّم على بريطانيا
    الحفاظ عليه عقب بريكست. تحذر دراسة أجراها معهد وارسو 24 ، من أن خروج المملكة المتحدة
    23 Partington, Richard (11 Feb 2022) UK exports to EU fell by £20bn last year, new ONS data shows, The Guardian.
    24 The impacts of Brexit on the security and the defence industry in the European Union and the United Kingdom
    (21 April 2020), Warsaw Institute.
    13
    من الاتحاد الأوروبي يعني أن الترتيبات الحالية واتفاقيات التعاون الدفاعي ستحتاج إلى إعادة
    تقييم، مما يؤدي إلى تغيير المشهد الدفاعي في أوروبا بالكام ل. فانسحاب المملكة المتحدة من
    السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الجمركي بدون اتفاق للتجارة الحرة، سيكون بلا شك
    ضربة مدمرة لصناعة الأسلحة البريطانية وكافة فروع الاقتصاد الأخرى. وضرورة فرض عمليات
    التفتيش الحدودية والرسوم الجمركي ة، ستعني أن الأجزاء اللازمة لبناء العديد من أنظمة الأسلحة
    البريطانية ستكون أ كثر تكلفة وسيستغرق إكمالها وقتًا أطول، وهذا بدوره سيؤدي إلى تأخير أو
    حتى عرقلة بعض العقود الدولية بشكل كامل .
    اعتمدت العائلة المالكة على الدعم العسكري المقدّم من المملكة المتحدة منذ نشأة الدولة
    السعودية الأولى. يرى الأستاذ في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج، أن هذا التجارة
    الضخمة والمستمرة للأسلحة التي تتمحور حول العلاقة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية
    السعودية تعقد العلاقة بينهما 25 . فمنذ قرن مضى، والمملكة المتحدة تعمد إلى رفد سلاحها
    لحكام السعودية المحتاجين إلى الحماية مقابل تأمين مصالحها في المنطقة . ولعل صفقة اليمامة
    الشهيرة في عهد مارغريت تاتشر، في ثمانينات القرن الماضي، أشهرها. ومن بين هذه الصفقات:
  • صفقة طائرات الهجوم البريطانية تايفون: في عام 2007 ، وقعت السعودية وبريطانيا صفقة
    بقيمة تقدر بحوالي 4.43 مليار جنيه إسترليني لتوريد 72 طائرة تايفون للقوات الجوية السعودية.
  • صفقة طائر ات التدريب الأساسية هوك: في عام 2012 ، وقعت السعودية وبريطانيا صفقة
    بقيمة تقدر ب 1.6 مليار جنيه إسترليني لتوريد 55 طائرة تدريب أساسية هوك للقوات الجوية
    السعودية.
  • صفقة قنابل “بايفواي 4”: عام 2015 ، وافقت الحكومة البريطانية على مبيعات عسكرية
    للسعودية بقيمة 2.8 مليار جنيه إسترليني، وقد شملت الأسلحة قنابل “بايفواي 4 ”بوزن 225
    كيلوغرام.
    25 Roberts, David (24 Mar 2022) The UK-Saudi relationship: to engage or not to engage? UK in a Changing Europe.
    14
  • صفقة صواريخ ميتيور وبريمستون: عام 2017 ، وقع الجانبين صفقة بقيمة مليار يورو، لتوريد
    20 صاروخ جو- جو من نوع ميتيور، و 1000 صاروخ جو-أرض فوق صوتي من نوع بريمستون،
    التي سجل استخدامها في اليمن.
    حدثان غيرا منحى الصفقات العسكرية بين الطرفين، العدوان على اليمن عام 2015 ، والاستفتاء
    لصالح بريكست عام 2016 . خلال عقد كامل من الزمن، بين 2008 و 2018 ، شكّلت قيمة
    الصادرات العسكرية البريطانية للسعودية نحو 11 مليار جنيه إسترليني، ما جعلها تحتل المركز
    الأول بلا منازع ضمن قائمة الدول الأكثر استيرادًا للأسلحة البريطانية .
    أن القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة البريطانية )CAAT( قدرت الحملة ضد تجارة الأسلحة
    . للسعودية منذ بدأ الحرب على اليمن في عام 2015 ، بلغت 23 مليار جنيه استرليني 26
    أشعل الانخراط البريطاني في العدوان السعودي على اليمن غضبًا ومعارضة واسعة. لكن ذلك لم
    يمنع أن تسجل صادرات بريطانيا للرياض أعلى مستوياتها في العام الذي شُنّ فيه العدوان. فيما
    يلي أرقام تبيّ ن حجم هذا التصاعد:
  • عام 2015 ، بلغت قيمة صادرات السلاح 2.9 مليار جنيه أسترلين ي
  • عام 2016 ، سجلت الصادرات ما قيمته 680 مليون جنيه إسترليني .
  • عام 2017 ، بلغت صادرات الأسلحة البريطانية 1.1 مليار جنيه إسترليني .
  • عام 2018 : انخفضت قيمة الصادرات إلى 60 مليون جنيه إسترليني فق ط.
  • عام 2019 : الصادرات البريطانية للسعودية تسجل من جديد تصاعدا لتصل إلى نحو 638
    مليون جنيه إسترليني .
    دعوى ضد الحكومة البريطانية وأجبرتها على وقف بيع CAAT في العام 2019 كسبت منظمة
    الأسلحة للسعودية. وبعد عام في صيف 2020 ، استأنفت الحكومة بيع الأسلحة بحجة أن
    26 UK arms to Saudi Arabia (13 July 2023) Campaign Against Arms Trade.
    15
    المراجعة التي أجرتها بيّنت عدم وجود خطر واضح يشير إلى أن المعدات العسكرية المصدّرة إلى
    . السعودية يمكن استخدامها في انتهاكات خطرة للقانون الإنساني الدول ي 27
    -4 التعاون في مجال الطاق ة
    رغم أن المملكة المتحدة ليست عضوا في منظمة أوبك، إلا أن ملف الطاقة يعدّ أحد الملفات
    التي تتأثر بها العلاقات بين البلدين. تواجه بريطانيا أزمة اقتصادية صعبة تسببت في ارتفاع
    التضخم وزيادة العجز. أما أسباب الأزمة فسببها الحرب في أوكرانيا وما تسببت بع من تذبذب في
    أسعار الطاقة، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا، والأزمات الناجمة عن خروجها من الاتحاد
    الأوروبي.
    ومع فشل حكومة لندن في معالجة أزمتها المالية وتعثّر اقتصادها، تبرز دعوتها المتكررة إلى
    تحالف أوبك+ لزيادة إنتاج النفط، من أجل مواجهة أزمة غلاء المعيشة المتنامية وخفض أسعار
    الوقود. هذا الفشل ترجم على شكل انتقادات لمسؤولين بريطانيا لقرار السعودية خفض الإنتاج
    بنحو مليوني ونصف مليون برميل يوميً ا.
    في آذار/مارس 2022 ، زار رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، السعودية، وتصدّ ر
    مطلب زيادة إنتاج النفط أجندة مباحثاته. وفي تموز/يونيو 2022 ، طالب جونسون، السعودية
    بإنتاج المزيد من النفط، مع فشل جهودها في تقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري،
    والاستعاضة عنه بمصادر الطاقة المتجددة.
    -5 بريطانيا والتبييض الرياضي السعود ي
    ومن أوجه التعاون من البلدين، الصفقات الرياضية من خلال الاستحواذ على النوادي الرياضية أو
    شراء اللاعبين الدوليين، واستضافة الأحداث الرياضية العالمية. وهو اتجاه جديد تصبّ السعودية
    تركيزها عليه، من خلال صندوق الاستثمارات العامة. أبرز مصداق هذا التعاون قيادة الصندوق
    السيادي تحالفً ا لشراء نادي نيوكاسل يونايتد الانكليزي لكرة القدم عام 2021 . الصفقة التي
    2023 ( يورونيوز. /01/ 27 القضاء البريطاني ينظر في قانونية استئناف لندن بيع الأسلحة للسعودية ) 31
    16
    بلغت قيمتها 300 مليون جنيه استرليني تكللت بالنجاح بعد فشل صفقة شراء نادي مانشستر
    . يونايتد، رغم عرض مالي ضخم وصل إلى 4.9 مليار يورو، عام 2019
    لكن فشل مساعي الاستحواذ لم يمنع من توقيع شركة الاتصالات السعودية اتفاقية تعاون
    طويلة الأمد مع مانشستر يونايتد، تسمح باستخدام شعار الناد ي في موادها الترويجي ة، بالإضافة
    إلى توقيع الهيئة العامة للرياضة مذكرة تفاهم مع النادي من شأنها أن تؤدي إلى قيام مانشستر
    يونايتد بإقراض خبرته للسعودية .
    رابعًا: مسار المحادثات الحالي ة وآفاقه
    رغم العزلة الدولية التي فرضت على ولي العهد السعودي على خلفية جريمة القنصلية عام
    2018 ، فإن حاجة لندن لتعويض خسائر بريكست، يدفعها لتجاهل ملف انتهاكات حقوق
    الانسان في المملكة. ولهذا وجّهت بريطانيا دعوة لمحمد بن سلمان لزيارتها، أما عين لندن فه ي
    على اتفاقية التجارة الحرة بالدرجة الأولى .
    وفي 17 آب/أغسطس 2023 ، أ كد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال اتصاله بولي
    العهد السعودي، رغبة بلاده في تعميق العلاقات مع الرياض، مؤكداً تطلع بلاده إلى تعميق
    علاقات طويلة الأمد بينهما. بعدها بأيام، في 20 أغسطس، أعرب حزب العمال البريطاني عن
    دعمه المحادثات المرتقبة، مشيراً إلى أنه يؤمن بضرورة أن يكون هناك حوار مع جميع البلدان.
    من أهداف الزيارة:
    . بحث بريطانيا عن تعزيز الاستثمارات بعد خروجها من الاتحاد الأوروب ي 28 ▪
    الوصول لاتفاقية تجارة حرة ما يعني زيادة التبادلات ب 16 في المئة وزيادة إيرادات الاقتصاد ▪
    البريطاني بأكثر من 1.6 مليار جنيه 29
    28 England, Andrew and Pickard (July 14 2023) Prince Mohammed bin Salman invited to visit UK in autumn,
    Financial Times.
    29 Wintour, Patrick (14 Jul 2023) UK invites Saudi crown prince Mohammed bin Salman to visit, The Guardian
    17
    سعي الرياض إل ى كسب تصويت بريطانيا، في نوفمبر المقبل على استضافه معرض ▪
    إ كسبو 2030 الذي تنافسها عليه إيطالي ا
    نموذجًا للأهداف ،The Policy Institute at King’s College London تقدّم دراسة من إعداد
    : التي رسمتها الحكومة البريطانية لعلاقتها مع السعودية يمكن تلخيصها كالتال ي 30
    -1 الأمن: الحفاظ على الأمن القومي هو الهدف الأساسي للحكومة البريطانية في علاقتها مع
    السعودية. ويتم استخدام عبارة “أمن الخليج هو أمننا” بشكل متكرر من قبل رؤساء الوزراء
    البريطانيين ووزراء الخارجية والدفاع.
    -2 الاقتصاد: بالرغم من أنها أقل أهمية من الجانب الأمني، إلا أن هناك تركيزًا كبيرًا على الفوائد
    الاقتصادية المتوقعة من العلاقات التجارية مع السعودية. مع بدء رؤية 2030 على وجه
    الخصوص، كان هناك هدف واضح للحكومة البريطانية في خلق فرص للشركات البريطانية للبدء
    أو توسيع أعمالها في السعودية.
    -3 بريطانيا العالمية: منذ التصويت على البريكست، ظهرت فئة ثالثة، والهدف هو التعويض عن
    آثار البريكست على المملكة المتحدة. بعد الاستفتاء، تم التركيز على استخدام القوة الناعمة
    للمحافظة على العلاقات الوثيقة بين البلدين.
    دعوة المعارضين لسياسات المملكة الحالية إلى مقاطعة السعودية أو إعادة مراجعة العلاقات
    معها، تصاعدت مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد. وللمفارقة أيضًا، فإنها تزامنت مع دعوات
    المعسكر المقابل، المطالب بتفعيل العلاقات للتخفيف من حدّ ة الأزمات الماليّ ة والاقتصادية،
    من خلال استثمار دول الخليج “لحلب أموالهم” وهو المصطلح الشهير الذي ابتكره الرئيس
    الأميركي السابق دونالد ترامب، في وصفه رؤية الغرب لحكام الخليج.
    30 Rij, Armeda and Wilkinson, Benedict (2018) Security Cooperation With Saudi Arabia: Is It Worth It For The UK?
    The Policy Institute at King’s College London.
    18
    تعدد صحيفة ا كسبرس البريطانية 31 ، سبعة أسباب تدفع لمراجعة العلاقات مع السعودية،
    منتقدة الجهود التي يبذلها الوزراء البريطانيون وأفراد العائلة المالكة للحفاظ على علاقات جيدة
    مع “المملكة الشرق الأوسطية الصارمة”، والأسباب هي: العقوبات القاسية وغير الانسانية،
    تقييد حقوق الانسان وحرية التعبير، التمييز الذي تعانيه النساء، جرائم الحرب المتكررة في
    النزاعات الدولية من بينها اليمن، أيديلوجية الدولة الوهابية التي ألهمت التنظيمات المتطرفة،
    تمويل تنظيم داعش، مبيعات الأسلحة التي تعطي رسالة للشعب السعودي أن حقوقهم
    الإنسانية ليست أهم من أرباح شركات السلاح البريطانية. من هنا، يمكننا الحديث عن عقبات
    عدة تواجه مسارات العلاقات السعودية – البريطانية، وقد تحول دون تطويرها:
    أ- على صعيد اتفاقي ة التجارة الحرة
    عادة ما تحتاج المفاوضات التجارية الثنائية بين الدول إلى سنوات من الدراسة، حتى ولو كان
    بينها تحالفات أمنية أو سياسية. فيما يخص اتفاقية التجارة الحرة بين السعودية وبريطانيا، فإن
    المفاوضات تصطدم بعدة معوقات هي:
    -1 عدم تجانس دول الخليج فيما بينها، ما قد يحوّل الاتجاه البريطاني إلى اتمام اتفاقيات ثنائية
    بدلاً من الكتلة الخليجية الموحدة، في ظل الاختلاف بين دول مجلس التعاون على خطط ومراحل
    التنويع الاقتصادي مع تباين أولويات كل دولة بحسب حجم قوتها الاقتصادية والبيئات
    التنظيمية والضريبية.
    -2 تعارض المصالح في استراتيجيات التنويع الاقتصادي واصطدامها بالاتجاه الخليجي الجديد
    نحو توطين الوظائف )السعودة في الحالة السعودية( وهو ما تنظر إليه الشركات الأجنبية بوصف ه
    عبئًا مالاً عليها، لتعارضه مع الاتجاه العام لطموحات الشركات الأجنبية التي ترغب في بيئة
    . تنافسية لا تتدخل فيها الدولة بنوع من أنواع السياسات الحمائي ة 32
    31 Heffer, Greg (Mar 21, 2016) Seven reasons why Saudi Arabia shouldn’t be our friend – and one very big reason
    why it is, Express.
    32 Neve, Freddie (9 May 2022) UK-GCC Free Trade Negotiations: Obstacles and Opportunities, Asia House
    Research.
    19
    -3 أما العقبة الثالثة، فتتعلق بملف حقوق الانسان، أو ما يُطلق عليه اصطلاحًا “الاختلاف في
    القيم”. ولعل هذه العقبة الأكثر إثارة للجدل والخلاف. يطالب البعض بفرض الحكومة البريطانية
    شروطًا تتعلق بحقوق الانسان في بند المفاوضات، وهو ما يعارضها القسم المقابل باعتبار أن
    هذه القضايا لا يجب أن تقترن بمفاوضات التجارة الحرة لأن لا علاقة لها بها. ويجادل قسم ثالث
    أن من الأجدى على بريطانيا أن تطبّق قضايا حقوق الانسان لكي تطالب الدول الأخرى المعاملة
    بالمثل. وبالتالي فإن التمسك بإدراج شرط حقوق الإنسان في مفاوضات الاتفاق قد تكون سببًا في
    . عرقلته 33
    قبيل الزيارة المرتقبة لابن سلمان إلى لندن، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إنه
    ينبغي ألا يكون سعي المملكة المتحدة إلى إبرام صفقة تجارية اختيارًا للمنفعة الاقتصادية أو
    الموافقة الضمنية على حملة العلاقات العامة التي تسوقها الحكومة السعودية بشأن الحقوق.
    وينبغي ألا تتم أي زيارة أو صفقة تجارية من دون إجراء التحسينات الحقوقية اللازمة، ولا سيما
    بشأن حقوق العمال، لضمان ألا تتلطخ التجارة مع المملكة المتحدة بالانتهاكات الحكومية
    . السعودية 34
    ب- على صعيد صفقات التسليح
    يقّيم معهد السياسات لمجموعة أ كسفورد للأبحا ث 35 ، في دراسة مطولة التكاليف والفوائد التي
    تعود على المملكة المتحدة من علاقتها الدفاعية والأمنية مع السعودية، وكذلك مدى قدرة لندن
    على ممارسة النفوذ والتأثير على السياسة الخارجية للرياض. ويجد في الخلاصة أنه:
    33 Wragg, Eleanor (29-06-22) UK brushes off human rights concerns to start trade talks with GCC, Global Trade
    Review.
    34 Ahmed, Yasmine (July 19, 2023) UK’s Invite to Saudi Crown Prince Risks Rubber-Stamping Repression, Human
    Rights Watch.
    35 Rij van, Armida and Wilkinson, Benedict (September 2018) Security cooperation with Saudi Arabia: Is it worth it
    for the UK? King’s College London.
    20
    -1 توجد أدلة ضئيلة، بناءً على المعلومات المتاحة للجمهور، تشير إلى أن المملكة المتحدة لا
    تمتلك تأثيرًا أو نفوذًا على السعودية. في الواقع، توجد أدلة أ كبر تشير إلى أن السعودية تمتلك
    تأثيرًا على المملكة المتحدة.
    -2 هناك تناقض بين الصورة التي ترسخها المملكة المتحدة عن نفسها كدولة تقدمية وليبرالية
    ومدافعة عن النظام الدولي، في حين توفر الغطاء الدبلوماسي في الوقت نفسه لنظام يقوم
    بتقويض هذه النظم.
    -3 يبدو أن المملكة المتحدة تتحمل تكاليف سمعتها نتيجة علاقتها مع السعودية، في حين أن
    الفوائد الاقتصادية مقابل هذه العلاقة مشكوك فيها.
    منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية العرش، والجرائم التي ارتبط باسمه، توسّعت جبهة
    المعارضة للعلاقات البريطانية مع الرياض. وبات السؤال ما إذا كانت المصالح العائدة من
    السعودية تستحق التضحية بسمعة الدولة. وتعد مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات
    الاستخبارية عنص را أساسيً ا في العلاقات بين المملكة المتحدة والسعودية، ومع ذلك تظ ل
    محاطة بالسرية عندما يتعلق الأمر بالقيمة التي تجلبها للبريطانيين، مع عدم رغبة حكومة لندن
    في تقديم تقييم صادق لجدوى هذه العلاقة.
    تقول منظمة القسط لحقوق الإنسان إن للمملكة المتحدة تاريخًا طويلًا في تقديم المساعدة
    الأمنية والقضائية والعسكرية للسعودية في سياق مصالح الأمن القومي المشتركة. يشمل ذلك
    تدريب الجيش السعودي والشرطة والحرس الوطني، وبرامج تعزيز القدرات لعدة وزارات
    حكومية. وقد ارتكبت بعض الهيئات الشريكة في هذه البرامج التي يتم تمويلها من قبل دافعي
    . الضرائب في المملكة المتحدة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان منذ فترة طويلة ” 36
    ولهذا تبرز المطالبات لحزب العمال البريطاني المعارض، بأن يستغل موقعه لإجراء تقييم
    ومراجعة صادقة لقيمة الشعارات التي تُرفع عن تعاون بريطاني سعودي استخباراتي لحفظ
    الأمن في المنطقة، فيما الوقع أن الرياض سبب في عدم الاستقرار الإقليمي .
    36 A Soft Touch? Human Rights and the UK-Saudi Relationship (December 2022), ALQST.
    21
    يرى سام غوودمان في دراسة مطولة موقع نيو ديبلومسي بروجيكت، وجوب إعادة تقييم قيمة
    المخابرات السعودية، واستدامة المبيعات المستمرة للأسلحة، والاعتماد على واردات النفط من
    السعودية، ومدى موثوقية الحكومة السعودية كشريك في المنطقة، والعلاقات التجارية
    والاستثمارية. وبذلك، يمكنه تحديد فصل واضح في السياسة بين حزب العمل والحكومة الحالية
    . التي تتبع الحزب الحاك م 37
    ج- التعاون السياسي
    تنظر حكومة لندن للعلاقة مع السعودية على أنها “علاقة حرجة مع حليف لا يمكن استبداله في
    منطقة ذات أهمية دائمة بالنسبة للمملكة المتحدة والاقتصاد العالمي. أما بالنسبة للمنتقدين،
    فإن العلاقة بين المملكة المتحدة والسعودية تعادل التعامل مع الشيطان. منهج الواقعية
    السياسي الذي احتكمت به بريطانيا في علاقاتها مع الرياض على حساب الاهتمامات الأخر ى،
    انعكس على الشارع البريطاني إذًا. ومن المثير للاهتمام، أنه قبيل زيارة محمد بن سلمان المثيرة
    . للجدل، يرى 8% من البريطانيين أن السعودية تمثل تهديدًا للمملكة المتحدة 38
    العلاقة القائمة على تبادل المصالح، مع غياب أساس وواضحة وثابتة للتعاون، جعلها عرضة
    التجاذبات والاستثمار السياسي المتبادل. فالزيادة الملحوظة في التجارة مع دول الخليج، تعني
    بحسب جوناثان فينتون هارف ي أن لندن أصبحت أ كثر حرصً ا على دعم دول مجلس التعاون
    سياسيً ا، وأ كثر استعدادً ا للتغاضي عن سجلات حقوق الإنسان المتقلبة في تلك البلدا ن 39 . ونظ را
    لاعتماد بريطانيا المتزايد على التجارة مع الخليج، فإن أي انتقاد من جان ب لندن من الممكن أن
    يع رّض الصفقات التجارية المحتملة للخطر.
    37 Goodman, Sam (25 April 2022) 25 April 2022 How Labour can reassess the UK-Saudi Arabia relationship, New
    Diplomacy Project.
    38 Stowers, Sophie (01 Sep 2023) What do voters think about foreign policy post-Brexit? UK in a Changing Europe.
    39 Fenton-Harvey, Jonathan (Aug 25, 2022) Post Brexit UK-GCC Relations: Strengthening Military and Trade Ties,
    Gulf International Forum.
    22
    نظرًا لذلك، يقدم معهد كينغز كوليج توصياته لتوجيه هذه العلاقة وتصحيح مسارها، فيقول إنه
    لكي تحظى أجندة “بريطانيا العالمة” بالمصداقية، فإن حكومتها تحتاج إلى أن تضع سياساتها
    الخارجية تحت المراقبة والنقد للتأكد من أنها تحافظ على القيم التي تسعى لنشرها في الخارج،
    كي تتمكن من مطالبة الآخرين أيضًا بها 40 . كما أن ع لى الحكومة البريطانية أن تكون أ كثر انتقائية
    في الطرق التي تختارها للتعامل مع السعودية. بمعنى آخر، يجب أن يكون اختيار أنشطة التعاون
    معها، مستندًا ليس فقط على الاعتبارات السياسية والاقتصادية، ولكن أيضًا على فهم الآثار
    المحتملة لهذا التعامل، والضرر الذي قد يلحق بسمعة المملكة المتحدة الدولية، من خلال تقييم
    التكاليف والفوائد.
    د- القوة الناعمة
    تحولت العاصمة البريطانية لندن إلى مركز أساسي لحملة العلاقات العامة التي أطلقها محمد بن
    سلمان مع صعوده إلى ولاية العهد السعودية. أغدق ابن سلمان الأموال على شركات الضغط
    والوكالات الاستشارية بهدف تلميع صورته.
    تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية يكشف بعضًا من فصول تغلغل المال السعودي في الإعلام
    البريطان ي 41 . ومن بين هذه المؤسسات:
  • وكالة العلاقات العامة فرويد: قدّمت الدعم لإطلاق رؤية 2030 في عهد ابن سلمان عام
    .2016
  • فايس ميديا: انتجت سلسلة من الأفلام الترويجية للسعودية. مؤخرًا، وقّعت المجموعة
    السعودية عقب أشهر من إعلان إفلاسها، mbc الإعلامية اتفاقية شرا كة مع مجموعة
    . وعزمها نقل مقرها الإقليمي في الشرق الأوسط الى الريا ض 42
    40 Rij, Armeda and Wilkinson, Benedict (2018) Security Cooperation With Saudi Arabia: Is It Worth It For The UK?
    The Policy Institute at King’s College London
    41 Waterson, Jim (19 Oct 2018) Saudi Arabia pays UK firms millions to boost image, The Guardian.
    42 Mazurov, Nikita (9 September 2023) Vice Pulled a Documentary Critical of Saudi Arabia. But Here It Is. The
    Intercept.
    23
  • شركة لندن بي آر كومباني كونسلم للعلاقات العامة: عملت على برامج الاتصالات مع
    الحكومة السعودية .
  • مجموعة سي تي غروب: روّجت للهجمة الاعلامية الخليجية إبّان الحصار على قطر عام
    .2017
  • بايجفايلد كلوغبال كانسال: عملت لصالح السعودية لكنها قالت للغارديان إنها قررت
    التوقف عن ذلك.
  • معهد توني بلير: تلقى رشاوي ضمن إطار “التبرع” من السعودية مقابل الاستشارة
    الإعلامية. مؤخرًا، أ كد تحقيق لصحيفة صنداي تايمز البريطانية، أن منظمة بلير لا زالت
    . متورطة في شرا كة بملايين الدولارات مع الحكومة السعودي ة 43
  • شرك ة بيل بوتينغر للتسويق: تكفلت بتقديم المشورة للدولة السعودية فيما يخص
    التواصل الإستراتيجي.
    يضاف إلى هذه الشركات، مؤسسات اعلامية كبرى، من بينها الغارديان نفسها والإندبندنت،
    للترويج لإعلانات تخص أجندة بن سلمان “الإصلاحية”. كذلك استهدفت السعودية شراء ودّ
    صناع القرار في بريطانيا، فقدّمت لعشرات أعضاء الحزبين المحافظين والعمال رحلات مجانية
    للمملكة. وفي هذا الخصوص، تقول رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام
    هاوس للأبحاث، إن الرياض سعت إلى استغلال الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي حيث
    عملت على تعزيز استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع بريطانيا وقدمت نفسها بديلًا للأوروبيين.
    هذا التعاون الذي بدأ مع تولي ابن سلمان العرش، ورغم التحفّظ والمقاطعة عام 2018 عقب
    جريمة القنصلية، إلا أن عجلاته عادت إلى الدوران من جديد.
    يكشف تحقيق لصحيفة الغارديان في يوليو 2023 ، عن أن السعودية أنفقت أ كثر من 6 مليارات
    دولار على استراتيجية التبييض الرياضي منذ أوائل عام 2021 ، أي أكثر من أربعة أضعاف المبلغ
    43 Pogrund, Gabriel and Yorke, Harry (12 August 2023) Tony Blair Institute kept advising Saudis after Khashoggi’s
    murder, The Sunday Times.
    24
    السابق الذي تم إنفاقه على مدى ست سنوات )أنفقت 1.5 مليار دولار في الفترة بين 2014
    وأوائل 2021 (، في محاولة لصرف الانتباه عن سجل حقوق الإنسان.
    تقول الغارديا ن 44 ، من المحتمل أن يكون الرقم الإجمالي 6.3 مليار دولار أقل من المبلغ الحقيقي،
    حيث أن صندوق الاستثمارات العامة معروف بغموضه بشأن موارده المالية، وتفاصيل بعض
    45 مليون دولار تنفقها أرامكو – الصفقات لم يتم الإعلان عنها. ومع ذلك، فإن الرقم لا يشمل 40
    سنويًا لرعاية الفورمولا 1، أو العقود الأخرى الموقعة قبل عام 2021 . كما يستثنى منه الإنفاق
    المكثف لصندوق الاستثمارات العامة في عالم الرياضة الإلكترونية، بما في ذلك الاستثمار الأخير
    والأحداث الرياضية التي يكون مبلغ ،Embracer Group بمليار دولار في شركة ألعاب الفيديو
    الرعاية فيها غير معروف، مثل صفقة مارس 2021 لمدة أربع سنوات بين مدينة نيوم والاتحاد
    الآسيوي لكرة القدم.
    خلاصة ونتائج
    لا يمكن القول إن العلاقات السعودية -البريطانية قد وصلت إلى حالة من الاستقرار تمكّنها من
    الانتقال إلى مرحلة أ كثر تقدّمًا، على غرار تشكيل نواة تحالف أو نيل صفة شريك، وما شابه ذلك.
    فعلى الرغم من أن جذور التعاون تمتد إلى عقود خلت، إلا أن اختلاف الأجندات بين البلدين قد
    يعرقل إمكانية تطويرها في ظل تباين الرؤية الاستراتيجية للمنطقة لدى كل طرف.
    خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، شكّل استحقاقًا سياسيًا
    لبريطانيا، فوجدت في الخليج ساحة لتحقيق أهدافها المستجدّة. وسعت من خلال العلاقات مع
    دوله، وفي مقدمتها السعودية، إلى تعويض الخسائر الاقتصادية لبريكست، وتأمين الدعم
    السياسي لنفوذها في المنطقة، وملء الفراغ الأمني الذي خلفته واشنطن.
    وعليه، فإن السيناريو المرجح، هو استمرار بريطانيا في الدفع قدمًا نحو توسيع كل أشكال
    التعاون مع السعودية، من خلال تعميق العلاقات التجارية والعسكرية، ما يعني أن اتفاق
    44 Michaelson, Ruth (26 Jul 2023) Revealed: Saudi Arabia’s $6bn spend on ‘sportswashing’. The Guardian.
    25
    التجارة الحرة سيظل أولوية بالنسبة لها، على حساب المعارضة الداخلية والتزامات حقوق
    الانسان.
    مع انسحاب بريطانيا م ن بريكست، تتشكل محددات العلاقات مع السعودية فيما يلي:
    -1 إعادة تشكلّ المشهد الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط يرتّب على بريطانيا ومصالحها
    آثار كبيرة يدفعها للتمسك بعلاقات قوية مع السعودية.
    -2 لا تزال السعودية قوة نفطية بارزة من حيث الاحتياطيات المثبتة والإنتاج اليومي والقدرة على
    زيادة الإمدادات بسرعة، ما يعني أن علاقات أوثق قد تضمن سوق الطاقة البريطاني.
    -3 بعد الخروج من بريكست، باتت لندن أ كثر تحررًا في خياراتها الدبلوماسية في قضايا السياسة
    الخارجية، ما قد ينعكس على علاقاتها مع الشرق الأوسط، ويغيّر من أولوياتها، بين “الخيار
    الأوروبي” و “الخيار الأطلسي”.
    -4 الاستحقاق الاقتصادي، سيدفع بريطانيا لتعويض خسائره ا في سوق التصدير الخليجية
    والاستثمارات فيها، ما قد ينتج عنه اتفاقات واستثمارات جديدة.
    لكنّ تركيز بريطانيا على الخليج والسعودية تحدي دا، لإعادة توجيه العلاقات الاقتصادية بعيدًا عن
    الاتحاد الأوروبي، لا يزال رهانًا غير واعدٍ ومحفوفًا بالمخاطر، وذلك للأسباب التالية:
    -1 بدء معالم أفول فترة الازدهار الطويلة للنفط وانهيار الطلب على الوقود الأحفوري يمكن أن
    يعرقل تدفق الدولارات العائدة من النفط، ما بدوره سيعني انتفاء العامود الأساس للعلاقات بين
    المملكة المتحدة ودول الخليج.
    -2 استثما رات البترودولار لا تتدفق إلى بريطانيا بسبب تطور قطاع الخدمات المالية وحسب، بل
    لأن حكام الخليج على دراية بأن بريطانيا من الدول القليلة التي ستدعم عروشهم. وهم كان لهم
    تجربة في ذلك مع انطلاق “ثورات الربيع العربي”. وهو ما يعني أن انقلاب أو إعادة لتشكيل
    المشهد السياسي في السعودية ينذران بنهاية لشكل العلاقة القائمة مع لندن.
    26
    -3 تستغل بريطانيا الحروب السعودية لتشغيل مصانع السلاح، لكن التحول الاقتصادي في
    السعودية، يعيد تشكيل المشهد:
  • حاجة المملكة إلى تصفير أزماتها لتحقيق استقرار يدعم رؤية 2030 ، أعاد تشكيل قراءاتها
    لعلاقاتها الخارجية .
  • توجه السعودية لتوطين الصناعات العسكرية عقب استخدام هذا الملف للضغط عليها،
    قد يؤثر على مجمل صفقاتها العسكرية.
  • الضغوط الحقوقية، وإن كان لا يزال تأثيرها محدودً ا، إلا أنها تشكل جبهة تتوسع وتتمدد
    وقد تؤدي إلى فرض أمر واقع جديد.
    في الختام، يمكن القول إن وجهة العلاقة في المستقبل ستكون الاقتصاد. وهذا الملف سيقود دفة
    العلاقة البريطانية بالخليج في العقود المقبلة وسيكون الموجه العام للاستثمارات المالية
    والتجارية والعسكرية.
    27
    قائمة المصادر والمراجع
    باللغة العربي ة
    البكلي، جعفر ) 29 تشرين الأول 2014 (، عبد الإنكليز… عن نشأة مملكة ابن سعود، نقلا عن لوريمر، دليل الخليج الفارسي، القسم
    .3776- التاريخي، ج 6، صص 3770
    شبكشي، خالد ) 11 حزيران/يونيو 2000 ( الاتفاقيات الحدودية المبكّرة – تكوين الدولة السعودية، مجلة الحجاز.
    الدار، فاطمة ) ٢٩ سبتمبر ٢٠٢١ (، المعاهدات التي عُقدت في عهد عبد العزيز آل سعود قبل تكوين المملكة العربية السعودية، سرمد.
    السادة، موسى ) 01 تشرين الثاني 2021 (، شبه الجزيرة الأنجلو-عربية: بريطانيا في الخليج، موقع حبر.
    2020 (، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: دراسة في الأسباب والتداعيات، مركز دراسات الوحدة العربية. ، هاشم، نوار )ديسمبر 29
    120 مليار جنيه إسترليني استثمارات خليجية في بريطانيا، 8 يونيو 2014 ، العربية نت.
    . تصريح لوزيرة الأعمال والتجارة البريطانية كيمي بادينوك في مقابلة مع قناة سكاي نيوز بتاريخ 25 أيار/مايو 2023
    . مقابلة مع وزير الاستثمار البريطاني، دومينيك جونسون، مع قناة سكاي نيوز عربية، بتاريخ 3 شباط/فبراير 2023
    ماذا تستفيد دول الخليج من توقيع اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا؟ ) 22 نوفمبر 2021 (، اندبندت عربية.
    عام / المملكة وبريطانيا .. علاقات متنامية ومصالح مشتركة ) 16 مارس 2022 (، وكالة واس.
    وزارة الخارجية البريطانية ) 15 يوليو 2021 ( الشرا كة الاستراتيجية البريطانية-السعودية: بيان مشترك )اللجنة الاقتصادية والاجتماعية(،
    موقع الحكومة البريطانية.
    بول، كاتي ) 5أبريل 2017 ( رئيسة وزراء بريطانيا ورئيس بورصة لندن يخطبان ود صندوق سيادي سعودي، رويترز.
    فرير، كورتني ) 2 كانون الأول/ديسمبر 2019 ( البريكست ومجلس التعاون الخليجي: ما التالي؟، منتدى الخليج الدولي.
    . لندن تدعو إلى “عدم المسّ بالقيم البريطانية” في المفاوضات مع دول الخليج لاتفاق التجارة الحرة ) 26 أبريل 2023 (، فرانس 24
    محمود، بهاء ) 18 يوليو 2022 ( آفاق مفاوضات التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، مركز الإمارات
    للسياسات.
    2023 ( يورونيوز. /01/ القضاء البريطاني ينظر في قانونية استئناف لندن بيع الأسلحة للسعودية ) 31
    28
    باللغة الانكليزي ة
    Swanson, Robert (2019) The Rise of a King and the Birth of a State: The Development of Saudi Arabia in the
    Context of World War I, The Thetean: A Student Journal for Scholarly Historical, Volume 48, Issue 1, Article 3, p7.
    Maps in time from 1900 to 2000, The Cabinet Papers, The National Archives Website: Cabinet Papers, p:4.
    Prince, Rob and Ibrahim Kazerooni Ibrahim (May 9, 2016), Saudi Crisis Deepens (Part 1), Foreign Policy in Focus.
    Obeid, Hassan (January 30, 2020), The impact of Brexit on relations between the UK and Gulf countries, The
    Conversation.
    Fenton-Harvey, Jonathan (Aug 25, 2022) Post Brexit UK-GCC Relations: Strengthening Military and Trade Ties,
    Gulf International Forum.
    Rij, Armeda and Wilkinson, Benedict (2018) Security Cooperation With Saudi Arabia: Is It Worth It For The UK?
    The Policy Institute at King’s College London.
    Wearing, David (16 July 2019) Arms, assets and war: Why Britain is betting on the Gulf after Brexit, Middle East
    Eye.
    UK Parliament, (26 April 2023) UK-Gulf Cooperation Council Free Trade Agreement – The UK’s Strategic Approach,
    Department of International Trade.
    Partington, Richard (11 Feb 2022) UK exports to EU fell by £20bn last year, new ONS data shows, The Guardian.
    The impacts of Brexit on the security and the defence industry in the European Union and the United Kingdom (21
    April 2020), Warsaw Institute.
    Roberts, David (24 Mar 2022) The UK-Saudi relationship: to engage or not to engage? UK in a Changing Europe.
    UK arms to Saudi Arabia (13 July 2023) Campaign Against Arms Trade.
    England, Andrew and Pickard (July 14 2023) Prince Mohammed bin Salman invited to visit UK in autumn, Financial
    Times.
    Wintour, Patrick (14 Jul 2023) UK invites Saudi crown prince Mohammed bin Salman to visit, The Guardian
    29
    Heffer, Greg (Mar 21, 2016) Seven reasons why Saudi Arabia shouldn’t be our friend – and one very big reason why
    it is, Express.
    Neve, Freddie (9 May 2022) UK-GCC Free Trade Negotiations: Obstacles and Opportunities, Asia House Research.
    Wragg, Eleanor (29-06-22) UK brushes off human rights concerns to start trade talks with GCC, Global Trade
    Review.
    Ahmed, Yasmine (July 19, 2023) UK’s Invite to Saudi Crown Prince Risks Rubber-Stamping Repression, Human
    Rights Watch.
    A Soft Touch? Human Rights and the UK-Saudi Relationship (December 2022), ALQST.
    Goodman, Sam (25 April 2022) 25 April 2022 How Labour can reassess the UK-Saudi Arabia relationship, New
    Diplomacy Project.
    Waterson, Jim (19 Oct 2018) Saudi Arabia pays UK firms millions to boost image, The Guardian.
    Mazurov, Nikita (9 September 2023) Vice Pulled a Documentary Critical of Saudi Arabia. But Here It Is. The
    Intercept.
    Pogrund, Gabriel and Yorke, Harry (12 August 2023) Tony Blair Institute kept advising Saudis after Khashoggi’s
    murder, The Sunday Times.
    Michaelson, Ruth (26 Jul 2023) Revealed: Saudi Arabia’s $6bn spend on ‘sportswashing’. The Guardian.
    Stowers, Sophie (01 Sep 2023) What do voters think about foreign policy post-Brexit? UK in a Changing Europe.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى